top of page

فخورة بمساهمتي بمقال عن العنف الاقتصادي في منصة - فارءة معي. منصة إعلاميّة عربيّة مهنيّة مستقلة ذات ريادة نسائيّة .عدد تموز \ يوليو 2021 بعنوان "آفة "العنف والجريمة" في المجتمع الفلسطيني في إسرائيل

صورة الكاتب: Ameena Haj YahyaAmeena Haj Yahya

لا علامات زرقاء انما قفص ذهبي هش قابل للكسر مع كل هبة غضب

 

العنف الجسدي مرفوض ومنبوذ اجتماعيا وقانونيا -ولكن هناك نوع اخر من العنف المنزلي!

عنف لا يترك كدمات او جروح وعلامات زرقاء على البدن. ومن الصعب رؤيته , ولكن,  هو بنظري من اكبر المسببات -شديدة الخطورة التي من شأنها ان تمنع النساء من الشكوى او ترك المنزل وطلب الطلاق- او حتى التفكير فيه. رغم تعرضها لأنواع عديدة من العنف والاضطهاد .

فقد تكون المراة في احيان كثيرة تتعرض لعنف اقتصادي ونفسي الى جانب العنف الجسدي اوالكلامي .

هو ليس قضية جندرية ولكنه غالبا يمارس من قبل الرجال ضد النساء

هذا العنف الذي يترك وراءه حتى بعد التحرر منه - ندوبًا نفسية شديدة للغاية ، والتي يمكن ان تستغرق سنوات عديدة للشفاء.

فهو يخلق الاعتماد على الجانب القوي ويحول الزنزانة العائلية إلى سجن . ويسمح بالإساءة دون القدرة على الهروب. 

الخوف هو اسم اللعبة!

وهوعنف صعب التشخيص, إذ يأتي بأشكال عدّة - بعضها ممدوحٌ اجتماعيًا , دون وعي باضراره -بحجة الحفاظ على النساء , الاسرة والاولاد . وهو خطر للغاية اذ يضمن للمسيء عدم حصول المراة على مالها الخاص واستقلاليتها حتى مستقبلا , ومد اليد لطلب المال لكل صغيرة وكبيرة كنوع من الاهانة حيث يقرر هو: ما المسموح والضروري وما هو الامر الذي يجب التنازل عنه . إذا أزعجه امر ما ، يمكنه الرفض حتى ترضخ له .

 اتخاذ القرارات المالية نيابة عن شخص ما قد تؤثر في مستقبله بشكل كبير اذ يؤدي لعدم قدرة على التحكم بالمال او الادخار, والاضطرار بأن يكون تابعا ومرتبطا كليا بالمعيل ,معتمدا إقتصاديًا عليه وصعب التحرر من قيوده وبذلك تتحقق للمسيء السيطرة و التحكم  والشعور بالقوة والأهمية .

قد تختلف أشكال الاستغلال المالي من حالة إلى أخرى. يستخدم المعتدي (الزوج او العائلة) أحيانًا أساليب خفية مثل التلاعب بينما قد يكون البعض أكثر علانية وتطلبًا وترهيبًا. في نهاية الامر الهدف واحد دوما :  اكتساب القوة والسيطرة واستعمال المال كوسيلة للتحكم .  

من اشكال السيطرة المالية :

·       تشجيع او ضغط لترك العمل  او انتقاد الوظيفة اوالتخريب والمضايقة بالاتصال أو الرسائل النصية أو التعطيل او منع الحضور للعمل بإخفاء مفاتيح أو فك بطارية السيارة أو أخذها دون إذن أو اقتراح مجالسة الأطفال ثم عدم الحضورواستعمال كل أنواع الأعذار منها استخدام الأطفال وحسن تربيتهم كذريعة. 

·       التحكم في مال كسبته أو ادخرته بذرائع متنوعة مثل اضطلاعه بالامور المالية اكثر, واهتمامه بمصلحة الاسرة

  • تخريب السجل الائتماني عن طريق إنشاء ديون من جانب الزوج باسم زوجته وعدم سدادها

  • مصادرة الراتب او عدم السماح بامتلاك حسابات مصرفية أو بطاقات ائتمان

  • انتقاد كل قرار مالي تتخذه ورفض التعاون في الشؤون المالية ثم اتخاذ قرارات مالية كبيرة دون استشارة كن ىنتايقرر كشراء مقتنيات دون اعتبار رأيها وقيمها وطرقها التربوية بالحسبان

  • تقليل الحرية في التخطيط أو الصرف مع وجود معيار مزدوج (قد ينفقون الأموال على الترفيه والمطاعم والملابس ولكنهم ينتقدون الشريك عندما يقوم بامر مماثل)

  • الضبابية حول استخدام الاموال المشتركة او اخفاءها والإصرار على الزوجة بمشاركة الدخل مع رفض تقاسم دخله

  • اشتراط أن تكون عمليات الشراء المشتركة الكبيرة باسمه فقط - السيارات /البيت /الاراضي

·       الاستيلاء على ممتلكاتها او الممتلكات المشتركة او حرمان من التصرف في الموارد الاقتصادية أو حرمان من الميراث والتملك واستغلال مادي

  • إجبار على التوقيع على المستندات المالية دون إيضاحات

  • توجيه تهديدات بعدم توفير الاحتياجات المالية في حال رفض رغباته وطلباته

الاستغلال المالي من أقوى الطرق لإبقاء الضحية محاصرة في علاقة مسيئة لأن الضحية تكون في الغالب قلقة بشكل كبير حول قدرتها على توفير المال لنفسها ولأطفالها في حال إنهاء العلاقة حيث ان انعدام الأمان الاقتصادي أحد أهم أسباب عودة المرأة إلى شريك مسيء. 

 ليس بالأمر السهل ان تبدأ حياة جديدة فيها المشقة والكثير الكثير من التنازلات. حيث ما زالت حتى يومنا هذا المسؤوليات الأسرية في الزواج من حظ الزوجات والكثير من الرجال يرى في مشاركة المسؤولية المنزلية او المادية تقليل من رجولتهم . وان كان الامر مختلفا بعد الطلاق لكان حلًّا ! ولكن هذه النساء تعاني حتى بعد الانفصال,  فالمال عامل تحكم في الزواج ، ولكن أيضًا في الطلاق فقد يستمر المسيء بعد الطلاق بالعيش في مستوى حياة ممتاز , يكسب بشكل متميز ، على عكس الطرف الاخر لأنه كان يعتمد عليه طوال حياته . حتى لو هربت من المنزل ، فسيظل زوجها قادرًا على حرمانها من الوصول للمال. وبالتالي قد تخسر اطفالها,  فهي ما زالت تعتمد على نعمه وأفضاله . ممتلكاتها لا تزال في يديه ولم تعتد على التعامل مع المال .

للاستغلال المالي غالبًا اثار مدمرة, إذ تشعر الضحية بعدم الكفاءة وقلة الثقة بالنفس بسبب الإساءة العاطفية النفسية المصاحبة للإساءة المالية, فحتى لو جمعت المرأة الشجاعة وطلبت الانفصال ، فليس لديها حقًا خيار التحرر من الكابوس-هناك صعوبة الوصول للمال ،اضافة الى سجلات توظيف متقطعة ، وتاريخ ائتماني مدمر ، وقضايا قانونية متصاعدة بسبب سنوات من الانتهاك . هذا اضافة لواقع فجوة الاجور بين الجنسين وقلة فرص العمل المناسبة للنساء الامهات خاصة- من حيث صعوبة التوفيق بين الحياة العملية والعائلية. ما يصعب تحقيق الاستقلال على المدى البعيد.

يتعدى هذا العنف بنظري كل الطبقات الاجتماعية حيث اننا نراه كثيرا في العائلات متوسطة او عالية الدخل فتختار بعض النساء العيش في قفص ذهبي لا تطالب بالتحرر منه لاقتناعها انه يأتي بالنفع عليها وعلى اولادها رغم صعوبة الحياة اليومية وشعور داخلي بالانزعاج ورغبه بالاستقلال . فقد يبدو هذا العنف احيانا ككرم فائق ولكنه تحكم بدرجات كبيرة بالمرأة وبالقرارات العائلية بسيطرة تامة واستعلاء .ولكنها بسبب الرعب الذي تعيشه وقلة الامكانيات المادية التي تتحكم فيها وشعورها بالصغر , لا لانها صغيرة! بل لأن "شخصا ما" أدخل هذه الفكرة لعقلها -تختار الصمت والسكون.

اذا رجعنا لتعريف العنف فهو نوع من تعبير عن قوة تصدر بصورة متعمدة  نحو هدف ما.  فيها إرغام, حد من حرية الحركة , إهانة, عزل عن محيط وتدمير منهجي للشعور بتقدير الذات . والعنف الاقتصادي يحقق للشخص المعنِّف كل ذلك مع شعور كبير بالرضى والعلياء. فمن خلال العنف الاقتصادي والترهيب وغالبا التكتيك ، يمكن للزوج إخضاع المرأة لإملاءاته وعندما تكون ضعيفة ومعتمدة عليه كليا ، فلا شك أن العنف اللفظي والتهديد والإذلال سيأتي بسرعة كبيرة وربما الضرب أيضًا  كل هذه اشكال من اشكال العنف التي تغير الصورة النمطية للمرأة المعنفة فهي لا تبدو دوما ضعيفة خافتة النور مضطهدة انما يمكن ان تظهر بمظهر تحسد عليه خارجيا لا بل وتكون عرضة للتقليد ولكنها تكون محطمة داخليا

التعامل مع رجل عنيف يتطلب الكثير من الشجاعة والقوة والمال من هؤلاء النساء. العديد منهن يصبن بالشلل نتيجة الخوف ويبقين في علاقة سامة لحماية أطفالهن ولأنهن لا يملكن الوسائل المالية للخروج ولكن ان لنا ان نوقف هذا العنف بالوعي والتمكين .

 

المال هو القوة ، إنه التحكم. المال يسمح باتخاذ جميع القرارات: مكان السكن ، وماذا يفعل و يشتري. صاحب المال يعتبر الذكي الشخص الذي يفهم كل شيء، وهو على حق دائمًا . ولكن ليس بالضرورة ان يكون سببا للتحكم باخر بل يمكن العيش باستقلالية واحترام متبادل وقوة مشتركة مفيدة للفرد والمجتمع

انا اؤمن ان في مجتمعنا القدرة والقوة الكافية لدعم هذه النساء وايقاف استغلالهن 

من السهل ان نقول لشخص لا يعرف شيئا عن المال انه ليس باستطاعته ادارته و"نحرره" من هذه المسؤولية ولكن ان عملنا على توعية شاملة للفتيات والفتيان منذ الصغر وللامهات والاباء ابتداء من اليوم سيكون بامكاننا ان  ننشيء جيلا وافرادا تحركهم القيم السليمة ولا يحتاج احدهم فرض قوته المادية او الجسدية على الاخر انما يعامل كل واحد الاخر باحترام ويستفيد كل من الطرفين مما يبرع فيه الطرف الاخر ونبني مجتمعا مستقلا واعيا صحيا

الوعي المالي ليس خيار بل هو ضرورة لا غنى عنها  

 
 
 

Comments


bottom of page